دخل عدوان التحالف العربي بقيادة السعودية على اليمن شَهره التاسع قبل أيام، وحمل معه العديد من المظاهر والشواهد هي الأغرب والأقبح في تاريخ مدينة عدن ولا أقول في اليمن كلها. أشرق يوم الأربعاء الموافق/ 25/11/2015م على خبر صادم ومرعب شاهده الرأي العام المحلي بمدينة عدن ومعه العالم أجمع وهو خبر اغتيال أحد الشباب اليافعين في مدينة عدن بطريقة بشعة، إذ تم اقتياد الشاب/ أحمد محمد أحمد امجلد، من قبل بعض المجرمين، والتحقيق معه وتنفيذ حكم (إعدامهم له) ومن ثم ربط جثمانه الطاهر بسيارة (فارهة بنية اللون) وسحله عبر الشارع العام ـ أمام مرأى ومشهد المواطنين ـ من أرقى حي بمدينة عدن وهو ضاحية التواهي مروراً بجولة حجيف والمعلا وحتى حي الثورة (القلوعة) . ولم يكتفِ المجرمون بهذا الفعل غير الإنساني إلى هنا . بل قاموا بإحراق ما تبقى من جثمانه النحيل الطاهر . هذا الحدث ليس سـرداً خيالياً لمشهد من أقسى المشاهد التراجيدية نادرة الحدوث في عدن، بل إنه نتاج مرضٍ موغِل في النفس غرسه منظرو ومروجو (الحقد والكراهية والبغضاء) زرعوه في أرواح حيوانات أدمية شريرة لم تعرف معنى لقدسية الإنسان حياً وميتاً.
كنت أتساءل من هو المذنب الحقيقي في هذه الجريمة الشنعاء ؟
هل هي طبيعة متأصلة لدى البعض من البشر؟ أم هل هي صفة متوارثة لديهم عبر الخارطة الوراثية ( DNA ) جيلاً بعد جيل ؟
أم أن منفذ هذه الجريمة هو الآخر ضحية هذا الواقع المدمر من التربية المشوهة والتعبئة الخاطئة ؟
هل من كان يقوم بالتحريض اليومي طيلة سنوات خلت هو من زرع بذور الكراهية والحقد والتطرف في قلوب وعقول منفذي هذه الجريمة غير المسبوقة في عدن ؟ ..
نحن في مدينة عدن الجريحة أمام مشهدٍ متكررٍ للقتل شبه اليومي ؛ ولكنا هنا أمام عمل بربري متوحش في التفنن بقتل الضحية البريئة . وأكرر التساؤل في كيفية تفسير هذه الظاهرة المخيفة وفي كيفية كبح جماحها كي لا تتكرر هذه الظاهرة المفزعة غير الإنسانية على الإطلاق؟ أي الظاهرة المتكررة للقتل بدم بارد لمن هو مختلف في اللون والفكر والجهة واللهجة والمذهب والعِرق وحتى في الرأي .
أي بشاعة مزلزلة للوجدان والمشاعر حينما نشاهد على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية مثل هذه المشاهد المرعبة في مدينة وُصفت في مراجع التاريخ بأنها كانت مدينة للتآخي والتعايش والسلام . وفجأة يظهر علينا هذا المشهد وكأننا في أحد أفلام الرعب الهوليودي .
أليس من حقنا كمواطنين متشبثين بالأرض والهوية، ولنا حكاية رومانسية مع هذه المدينة، أن نُشهر التساؤلات الجادة والحادة في وجه من يتولى قيادة المدينة الآن بالاستفسارات الآتية :
السؤال الأول :
أين هي السلطة المحلية بعدن وأين أجهزتها المتعددة المدججة بالأسلحة الحديثة من حوادث تكرار الجرائم شبه اليومية ؟
السؤال الثاني :
ألم تقولوا للعالم كله ولمواطنيكم أنكم قد حررتم مدينة عدن من قوات الجيش اليمني وأنصار الله واستبدلتم بها قوات لحفظ (الأمن والأمان) من كل بقاع الأرض من كولومبيا وباكستان والصومال والسودان وأرتيريا، ومصر والأردن وبقية حلف الأعراب غير المقدس، أين هم مما حدث ويحدث في عدن ؟
السؤال الثالث :
الم تأتوا بخبراء من تركيا وربما من إحدى الدول المعادية للأمة بهدف تفكيك الخلايا النائمة للإرهابيين التي تحـاول زعزعة الأمن والاستقرار بعدن ؟
السؤال الرابع :
أين هي الأحزاب «الإسلامية» العقائدية التي تردد علينا من كل منابرها الحديث النبوي الشريف للرسول/ محمد صلى الله عليه وسلم (( لأن تُهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من أن يُراق دم امرئ مسلم)) ..
السؤال الخامس :
أين هي الأقلام الحرة كي تجابه ذلك الغول الجاثم على عدن الحامل لجرثومة (الحقد والكراهية والإرهاب) .
السؤال السادس :
لماذا تنزوي النخبة المثقفة من أبناء عدن واليمن من كل المشارب الثقافية تجاه الأعمال الإجرامية شبه اليومية من نهب للمؤسسات الحكومية والممتلكات الخاصة للمواطنين بدعـاوى غير قانونية ولا أخلاقية واستمرار مسلسل الاختطافات والقتل وآخرها سحل وحرق الشاب/ أحمد محمد أحمد امجلد .
السؤال السابع :
على ماذا يراهن السياسيون في عدن لإطالة أمد الحرب والعدوان؟ ألم يدركوا بعد !!! أن إطالة أمد هذه الحرب في اليمن لن تجلب لنا سوى تمكين تنظيم القاعدة و داعش الإرهابيتين من التوسع والتغول والتغلغل في النسيج الاجتماعي العدني و ربما في بقية المدن اليمنية .
لقد نبهنا مراراً في مناسبات عدة إلى أن أي تكتيك سياسي وأمني مع تلك القوى الإرهابية يعد خطــأً استراتيجياً قاتلاً و لن يأتي إلا بنتيجة مدمرة لليمن في قادم الأيام .
من حق المواطنين في كل المدن والقرى والعُزل أن يجددوا التساؤلات لكم المرة تلو الألف لكي لا تتمادوا في غيكم وحربكم وقتالكم من أجل السلطة لا غير . وهم أي المواطنين لا ينشدون في هذه اللحظات سوى الأمن والسلام، و أن تطالبوا معهم بإيقاف الحرب العدوانية القذرة على اليمن، لكي تقف المأساة هنا، أما باستمرار الحرب والعدوان فستغذى كل الظواهر المفزعة التي كان العدوان المصدر الرئيس لها .
نسأل الله العلي القدير أن يتولى كل الضحايا الشهداء بالرحمة والمغفرة وأن يتقبلهم مع الأنبياء والصديقين في جناته الواسعة وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون ولأسرة الشهيد/ أحمد محمد أحمد امجلد عزاؤنا وتضامننا المخلص و حق الاقتصاص العادل من المجرمين ووفقاً للقانون وشرع الله .
والله من وراء القصـد،،،