ومازال لدينا بصيص أمل في التعامل المسؤول مع خطة السير جون كيري بشأن اليمن



أ.د/

الكاتب: أ.د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور

تاريخ كتابة المقال : السبت , 26 نوفمبر ,2016

عدد المشاهدات ( 361 )



26 نوفمبر 2016م

المصدر: راي اليوم

 

انقسم الرأي العام اليمني حيال خطة السيد/ إسماعيل ولد الشيخ أحمد الأممية التي أحضرها من لندن في نهاية أكتوبر من الشهر المنصرم، وما أن أعلنها من دهاليز الدوائر الغربية وهي مستوحاة من جوهر المبادرة الأمريكية التي قدمها المستر/ جون كيري – وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وما أن أُعلنت حتى تباينت وجهات النظر بشأنها وتعالت الأصوات وانخفضت وتوالت التصريحات الدبلوماسية والإعلامية تجاهها، وكلٍ انطلق من زاويته ومصالحه السياسية وحتى المعيشـية، إلاَّ أن الوفد الوطني المفاوض وبتوجيه من المجلـس السياسي الأعلى إنطلق من مصلحة الشعب اليمني المُعتدى عليه ظلماً وجوراً، ولهذا عبر عن موافقته الضمنية تجاهها وقال: إنها تصلح كأساس للنقاش والحوار الجدي، وفي ذات الوقت أضاف العديد من الملحوظات الجوهرية كي تسـتقيم الأمور حين الأخـذ بها، لكن فريق ما يسمى (بالحكومة الشرعية) ومن مخبأه بالرياض، أعلن عن حنقه وغضبه و بصوت مذعور وبتصريحات موتوره وخائفة انطلقت من مقار إقامتها في كلٍ من الرياض والدوحة وأبوظبي والإستانه وأزمير، كلها صرخت و بدون تحفظ إنها ترفض مبادرة السلام التي أفصح عنها ولد الشيخ بإيعاز من إدارة أوباما الأمريكية، ترى ما هي مـبررات هذا الانزعاج و الخوف في هذه المرة بالذات؟!!، ولماذا لم تتشاور المملكة السعودية مع ضيوفها المقيمين بشكل دائم في أجنحة فنادقها؟!!، وما هو التباين الخفي بين حلفاء العدوان على اليمن؟!!.

 

دعونا نحاول معاً للإجابة على جل التساؤلات المعروضة في بازار السياسة الراهنة في منطقتنا:

 

أولاً:      حاولت دول العدوان بقيادة السعودية منذ اليوم الأول لحربها على اليمن  أن تحسم الأمر بعجالة زمنية قصيره و وفقاً لكل المعطيات الإستخباراتية التي حصلوا عليها، لكنها منيت بإنكسارٍ مُر ولم تحقق ما سعت إليه، وطالت رحلة الحرب عليهم، وبقي الشعب اليمني صابرٍ صامدٍ بقواه الحيـة.

 

ثانياً:     حاولت دول العدوان أن تحشد كل قواها على الأرض والمنتمية لمعسكرها فجمعت بقايا الجنود والضباط تحت مسمى (جيش وطني)، دربته في معسكرات رأس الخيمة بالإمارات العربية المتحدة ومصوّع بأرتيريا، وفصـلت لهم البدل العسكرية بكل الاشكال والأنواع وحاكت ونسجت لهم النوط وشارات الرتب العسكرية مع أحذيتهم (جزماتهم) بكل المقاسات وزودتهم بكل أنواع الأسلحة الأمريكية والبريطانية المتطورة وصرفت لهم المعاشات والأغذية (من نوع الكبسات وحتى مكعبات البوظة – الآيسكريم) وبعدها منحتهم مُسمى (الجيش الوطني اليمني!!!)، وبعد كل هذا التعب والخسارة فإن كل محاولاتهم للزحف على الأرض في جبهات القتال قد انكسرت وعادوا بجنودهم و مرتزقتهم في التوابيت وبعضهم تركتهم صرعى في ميادين القتال، لأن الثابت في العُرف العسكري تقول أن الأرض تقاتل مع أهلها، ولهذا ينتصر المقاتل و الجندي اليمني الحافي على كل جحافل المرتزقة والمأجورين في جبهات القتال حتى عمق جغرافيا العدو.

 

ثالثاً:      حشدوا المرتزقة بأنواعهم، وأضافوا عليهم عصابات داعش والقاعدة والمليشيات (الجهادية السلفية الوهابية) وزادوا عليهم من مرتزقة الحراك الجنوبي المسلح و كل من هبَّ و دبَّ و أصبحوا بالآلاف، وآخر أنباء الإحصائيات تشير إلى وصول (3000) ثلاثة آلاف شاب يقودهم الجنرال شبه المتقاعد/ هيثم طاهر وزير الدفاع الأسبق والذي عُيِّن لاحقاً مستشاراً أمنياً للشيوخ من آل نهيان، وتشير الأنباء بأن حكام الإمارات اليوم يقومون بتدريب مالا يقل عن 12000 مقاتل في معسكر رأس عباس بالبريقة على (حسابهم)، وكل هذه الأعداد الكبيرة خُصصت للقتال دفاعاً عن الحدود الجنوبية للمملكة السعودية ولقتال أشقائهم بالداخل، ولكنها أعداد لا غير حينما يُحوِّلون شبابنا اليمني الجنوبي إلى مرتزقة مأجورين للقتال في صفوف أعداء اليمن، وكل هذه الأرقام من الشباب  والتجهيزات العسكرية الحديثة لم تفعل شيء يُذكر في جبهات القتال، وفَطِن السعوديين مؤخراً ومن خلفهم الأمريكان إن لا جدوى من كل تلك التحشيدات والتي تحولت إلى أشبه (بالثقب الأسود) التي تلتهم و تبتلع ملياراتهم دون حسيب أو رقيب يتم توظيفها  في حرب خاسره وتسير باتجاه لا تخدم سفن الجيران (الأَعْرَاب) ولا المشروع الأمريكي على وجه الخصوص، ولذلك تزايدت المبادرات (السلمية).

 

رابعاً:     ارتفعت تكاليف حرب العدوان غير الأخلاقية على اليمن ويتم إرتكاب جرائم حرب تقشعر لها الأبدان، وقد شاهد العالم بشاعة تلك الجرائم المُرتكبة من طيران التحالف السعودي وهي تمزق الأجساد الطاهرة للأطفال والنساء والشيوخ، وارتفع الصوت الحر بالعالم للتنديد بهذه الجرائم مما أضعف حجة المدافعين والمبررين لكل هذه الجرائم على الشعب اليمني.

 

خامساً:  تحوّلت (الحكومة الشرعية) إلى عبئاً ثقيلاً على المضيفين بالرياض وأبوظبي والدوحة، وارتفعت فيها فاتورة الحرب، وتقول بعض المصادر أن كلفة الحرب قد تجاوزت الـ 250 مليار دولار ومازالت الفاتورة مفتوحة للزيادة بكل أبعادها، ولذلك لم تعد دول العدوان تتحمل استمرار تكاليف الحـرب!!!.

 

سادساً:  وفي تسارع محموم وقبل أن تصل الادارة الأمريكية المنتخبة بقيادة الرئيس/ دونالد ترامب إلى سـدة البيت الأبيض لممارسة مهامها وهي المعروفة إنتخابياً بأنها لن تكون كسابقتها مرنة وسهلة في علاقتها الدبلوماسية مع السعودية تحديداً، اجتهدت الادارة الأمريكية الحالية لقذف طوَّق نجاة باتجاه حلفائها من الدول الخليجية.

 

سابعاً:   هناك تباين جدي في مواقف دول حلف العدوان و إلى النتائج المُفضية للحرب التي طال أمدها، وتحولت إلى حرب استنزاف حقيقية لن تقوى عليها لا السعودية ولا غيرها من الاستمرار، مُلحقة الأذى بكل نواحي الحياة لهذه الدول المصنوعة من (زجاج شفاف) قابل للكسر بسهولة ويسر ولذلك ولأنها تنفذ أجندات خارجية عَرَفْت الملمح العام لبدأها ولكنها لم ولن تعرف ملمح النتائج النهائية لمهزلة الحرب وتداعياتها على مصالح دولها وشعوبها وربما العالم أجمع.

 

الخلاصة:

إن هذه الحرب خلطت كل الأوراق ذات الأبعاد الوطنية والإقليمية وإن طالت مداها قد تتحول إلى حـرب كونية، ولذلك فان المجلس السياسي الأعلى لم يتردد بقبول خطة المسـتر/ جون كيري للسلام المُعلن عنه في سلطنة عُمان بوساطة عُمانية كريمة، وضمن خياراتنا ومصالحنا الوطنية العليا وفي عدم المساس بثوابتنا الوطنية والأخلاقية، قبلنا مبدأ حوار السلام ورفعنا غصن الزيتون إلى الأعلى، ولكننا في ذات الوقت أبقينا أصابعنا على الزناد تحسباً لكل الاحتمالات، والله أعلم منا جميعاً.

 

 

﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾

التعليقات ( 0 )

لا يوجد تعليقات على هذا الموضوع

اضافة تعليق جديد